خلال المسيرة المهنية التي أوجبت علينا- بوصفنا إعلاميّين- حضور المنتديات والمؤتمرات وغيرها من المحافل الدولية، جعلتنا نحمل في جعبتنا الكثير
من التجارب، ونعقد المقارنات بين القدرات المتفاوتة للرؤساء والقادة والمسؤولين ورجال الأعمال وكبار الشخصيات، وأن نتعلّم من مهاراتهم الحسنة-
دون أخطائهم- في “فن الخطاب“.
ولأننا الجهة الأكثر تضرّراً من ضياع وقتنا في الاستماع أحياناً إلى خطابات جافة وغير محفّزة، أو غير واضحة، أوجز لكم أهم
النصائح التي تساعدنا جميعاً في رفع مستوى خطاباتنا. إنها تجارب شخصية، أود مشاركة الجميع بها، لقضاء وقت ممتع في مخاطبة الآخرين،
وتحقيق الفائدة المطلوبة:
.
ابتعد في خطابك أو كلمتك التي ستلقيها أمام الحشود، عن المقدمات المملّة أو المتداولة بين الناس، واحرص على أن تكون بداية الخطاب تأسر القلوب
وتشدّها نحوك، فالبداية هي التي تحدّد مسار الأمور بعدها.
.
إنّ فهمك لمستوى جمهورك من حيث: ثقافتهم، عاداتهم، أعمارهم، مناصبهم، وكل ما يتعلّق بهم، يشكّل لبنة الأساس في بناء الخطاب.
.
قم بإعداد البحث اللازم عن الموضوع الذي ستتحدث عنه، ولا تكتب الخطاب أو تراجعه على عجل.
الاعتماد على النفس في كتابة الكلمة أو الخطاب، مهما كانت مهامك كثيرة، وكنت شخصاً مسؤولاً أو قائداً عظيماً، ولا وقت لديك لكتابة خطاباتك،
فمن المهم جداً ألا يكتبه أحد عنك.لكن إن دعتك الحاجة والضرورة أن تستعين بأحد ما، فليكن ذلك، لكن بعد وضعك النقاط الأساسية التي ستتحدث بها،
والرسالة التي ترغب بإيصالها. واقرأ خطابك جيداً قبل الخروج به على الناس، واعلم أن من صاغ خطابك لا يعبر عن فكرك، إنه غيرك.
.
امتلك مفرداتك الخاصة التي سيعرفك الناس بها؛فالمفردات كالجواهر.احرص على انتقاء أجملها بتناسق وتناغم، واجعلها تنساب عبر نبرات صوتك
بكلراحة وعفوية، وردّدها دائماً، واجعلها قريبة من قلبك لتخدمك وتساندك في كل كلماتك وحواراتك أيضاً.
.
التي قد تسبّب لك الحرج في نطقها، أو تلك غير المريحة لك، والتي قد تجعلك تتلعثم أحياناً. المفردات كثيرة ورائعة؛ فاختر أجملها وأسهلها.
.
الابتعاد عن التعابير الشائعة:
فالألفاظ كثيرة التداول مملة وسطحية، مثل: عنق الزجاجة، نفق مظلم، لايغني ولايسمن من جوع، من هذا المنبر، بين المطرقة والسندان،
سيف ذو حَدّين…. وأخرى تضعف النص، وتجعله عادياً وغير مؤثر.
.
منذ عشر سنوات، وأنا أسمع قصة مكرّرة لإحدى الوزيرات عن صنيعها مع الموظف الهندي، الذي سمحت له بمغادرة العمل لرؤية أبيه المريض.
وغيرها من القصص التي لا يتوقف المسؤولون وكبار الشخصيات عن ترديدها على مسامعنا في كل المحافل. واجعل القصص التي تسردها مختصرة
.
إذا لم تكن متمكّناً من موضوع الخطاب، فاحرص على عدم هدر وقت الحضور، والتزم بالنص الذي كتبته وتعبت في إعداده.لا تتحدث عن جهات
مجهولة، أوترسل رسائل رمزية في الخطاب، أو تجعل خطابك مبطناً: لأن ذلك يخلق أجواء متوتّرة، ويؤدي إلى فهم خطابك على نحو خاطئ،
مثل: “هناك جهات خارجية”، “هناك من يتآمر”، “المغرضون هم وراء ما حدث”….إن هذا يعطي انطباعاً بأنك ترسل رسائل غامضة، وغير قادر
على المواجهة. اجعل رسائلك واضحة وصريحة ومباشرة، ولا تشتت الحضور بالحشو والشعارات.
.
وتذكر أنك أمام حضور مهم ووقته ثمين أيضاً، وأن حضور الجميع كان احتراماً وتقديراً لك، فابذل جهدك لتحقّق لهم الفائدة.
.
مثل عبارات “إني أستغرب”، “إني أستنكر”،“إني مصدوم”، “أكاد لا أصدق”… هذه العبارات تضعف من حضورك وقوتك، لا سيّما إذا كنت
من صنّاع القرار.
إن مّما يزيد من نجاحك وتأثيرك قراءتك للنص عند احتسائك فنجان قهوتك صباحاً بصوت عالٍ، أو في أي وقت فراغ لديك، اسمع صوتك
وعدّل عثراتك، ولا ضرر إن أسمعت الخطاب لأحد من عائلتك، وأخذت بملاحظاته وآرائه.
.
واستند في معلوماتك على الأرقام والمصادر الصحيحة:إن الأحداث الجارية- أحياناً- تغيّر منمسار خطابك كلّه؛ لأن حدثاً هاماً قد يطرأ
فيغيّر مجرى الأمور. فإذا كنت منشغلاًولم تطّلع على الأخبار، وأعددت خطابك بناء على معلومات غير حديثة، فإن ذلك يجعلموقفك محرجاً.
.
عش شخصك وصوتك وذاتك، ولا تعش شخصية أخرى أثناء وقوفك أمامالجمهور، لأنك سرعان ما ستبدو كممثل على خشبة المسرح، ولن تستطيع
إحداث أي تأثير في الحضور.
.
وركّز على أهم وأقوى 3 رسائل تريد إيصالها للحضور، لترسخ في أذهانهم آخر الأمر.
.
من الصعب كسب الجميع لاختلاف أذواقهم؛ فقد لا ترضي ممازحة الحضور بعضهم، مما يضعف من قوة خطابك.
.
ستظهر مثل الدمى المتحركة وأنت تقرأ خطابك بهذه الطريقة. واعلم أن جمهورك ليس غبياً، سيشعر فوراً أنك تؤدي فعل القراءة وحسب، وأن
خطابك ليس مؤثراً وأنك بالغت كثيراً في الإعداد.
خاطب جمهورك بلغتهم، وعاداتهم وتقاليدهم. كن قريباً منهم، وادخل إلى قلوبهم واخطف مشاعرهم. ذكّرهم بأنهم “مهمّون جداً“.
لأن تقديمك إياه على هذه الصورة سيؤثر كثيراً في صورتك لدى الحضور، و يقلّل من تأثيرك المتوقع عليهم.