نشر موقع انتربرونور Entrepreneur الإلكتروني مقالاً مهماً يوضح فيه أهمية العودة إلى القادة التاريخيين الروّاد للاستفادة

من تجاربهم، ويلفت المقال إلى أن الريادة ليست فقط في قطاع الاعمال بل في موهبة قيادة المجتمعات وتوجيه التاريخ إلى

الأفضل، ربما كان نيلسون مانديلا من أهم عظماء التاريخ الذين عاصرناهم وكانوا مصدر إلهام للرواد الجدد الذين يقودون

شركات مميزة في عالم اليوم. نيلسون مانديلا تحوّل من ثائر بدأ حياته في عصر العبودية إلى بطل قاد جنوب أفريقيا للتخلص من

نظام الفصل العنصري، هذا درس كبير من الماضي.

بقلم: Holger Seim

عندما شاركت في تأسيس Blinkist لم يكن قد سبق لي قيادة فريق من قبل، ولكن الدروس التي تعلمتها من السير الذاتية للقادة

التاريخيين العظماء أثرت بي كثيراً، فيما يلي خمسة دروس تعلمتها من بعض هذه الشخصيات المميزة التي ساعدتني عبر رحلتي.

التأليف والقيادة مهن قد تجعلك تشعر بالعزلة، كيف لكاتب مبتدئ أن يطور مهاراته بدون توجيه؟ أين يجب أن يبحث الرؤساء

التنفيذيون الجدد عن النصائح؟

بينجامين فرانكلين أحد أبرز قادة الفكر الأوائل في أمريكا وجد حلاً فريداً، كان يجمع مقالات لمفكرين يحترمهم، ويمعن النظر فيها

ويدوّن ملاحظات مفصلة عنها، ثم يقوم بإعادة صياغة نظرياتهم بأسلوبه الخاص ويقارن بينها، ثم يعدِّل كتاباته لتكون على مستوى

مؤلفات هؤلاء الكتاب العظماء، من خلال دراسة أولئك الذين جاؤوا قبله، أصبح فرانكلين الرجل المحترم المثقف الذي نعرفه

اليوم، كذلك يستطيع القادة اليوم دراسة الرجال والنساء الناجحين عبر التاريخ للاسترشاد بهم.

بعض الذين تأثرت بهم وألهموني:

.

توسان لوفيرتور: لا تنحرف عن هدفك

توسان لوفيرتورعبد سابق استلهم مبادئ الثورة الفرنسية، وهزم الإمبراطوريات الأوروبية في سان دومينجو (هاييتي حالياً)

وأبطل العبودية في تلك المستعمرة، منذ بداية ثورته قرر لوفيرتو أنه لن يساوم على هدفه المركزي وهو الإلغاء التام للعبودية في

المستعمرة حكم هذا المبدأ تصرفاته خلال الثورة ودفعه للقتال إلى جانب الجيشين الفرنسي والإسباني، لم يكن لوفيرتور شخصاً

يساوم على المبادئ، وبدل أن يتحالف مع الطرف الذي يشترك معه بالثقافة والدم والتقاليد، حارب مع الجيش الذي يشترك

معه بالمبادئ.

نجح لوفيرتو باجتثاث العبودية بتركيزه على الهدف، وقيامه بكل ما يلزم لخدمة هذا الهدف.

.

صن تزو: قم بدراسة أرض المعركة

كما تحفر المياه مجراها في الأرض التي تتدفق عليها، يحتاج القائد للتكيف مع الأوضاع المحيطة به، “صن تزو” الفيلسوف

والقائد العسكري الأسطوري لسلالة “زهاو”، ينصح القادة العسكريين بدراسة أرض المعركة للاستفادة من طبيعتها والبقاء في

حالة تأهب مثلاً: “الطيور والحيوانات المذعورة قد تشير لحصول هجوم مفاجئ”، كما ينصح القائد العسكري بمراقبة العدو

والانتباه لأي إشارة تدل على الإعياء أو الإحباط.

في كتابه فن الحرب قال: “عندما يبدأ جنود العدو بأكل مواشيهم، ويتصرفون كأنهم لن يعودوا إلى خيمهم يجب أن تعلم أنهم

مستعدون للقتال حتى الموت”.

قد تختلف الظروف اليوم عما كانت عليه في الصين في عام 500 قبل الميلاد، ولكن جوهر كلام “صن تزو” لايزال صحيحاً”.

“قم بدراسة بيئة العمل والمنافسين لتحقيق أفضل النتائج الممكنة”.

.

نيكولو ميكافيللي: قم بتوظيف مستشارين استثنائيين

“لفهم البيئة الجديدة التي تعمل فيها، اعتمد على عدد قليل من المرشدين الذين تثق بهم”.

الأمير نيكولو ماكيافيللي السياسي والمؤلف في عصر النهضة الأوروبية،  وضح في البحث الذي أجراه في القرن السادس عشر

أن الاستفادة الجيدة من المستشارين تبدأ بمعرفتك لنقاط ضعفك، ثم اختيار مستشارين مناسبين لتجاوز هذه النقاط، لا ينتهي الأمر

هنا بل عليك أن تتعلم كيفية الحصول على النصائح الجيدة بالنسبة لميكافيللي فهذا يعني إظهار مدى تقديرك للنصائح الصادقة،

وأنك لن تعاقب المستشارين على صدقهم معك، في النهاية كان ميكافيللي صاحب القرار، كتب ميكافيللي:”أول ما تقوم به لتقييم

عقل القائد هو النظر للأشخاص المحيطين به”.

اختر مستشاريك بشكل جيد، وستكون موضع حسد لكل الزعماء.

.

 نيلسون مانديلا: كن المنارة التي يحتاج إليها شعبك

في بعض الأحيان من الشجاعة أن تدعي أنك شجاع، نيلسون مانديلا الثائر الاجتماعي كان قائداً شجاعاً حتى في الأوقات التي

كان يشعر فيها بالخوف، قدرة مانديلا على السيطرة على الخوف يمكن أن توضحها قصة يعرفها القليلون، أثناء قيامه برحلة

بطائرة صغيرة عبر جنوب أفريقيا تعطل محرك الطائرة وهبطت بشكل اضطراري، قال الحارس الشخصي الذي رافق مانديلا

أثناء الرحلة أن مانديلا كان يقرأ الجريدة بهدوء طوال الوقت بينما كانت حياته معرضة للخطر.

اعترف مانديلا لاحقاً أنه كان خائفاً بحق، ولكنه رفض إظهار ذلك، مانديلا يعلم ان الشجاعة خيار وأن الجميع بإمكانهم أن يكونوا

شجعان، هذا لا يعني أن تخاطر بحياتك بل يعني أن تتأقلم مع القلق والمخاوف اليومية.

.

ابراهام لينكولن: الكلمة الطيبة تحول الأعداء إلى أصدقاء

الإشارة لأخطاء الآخرين لا تدفعهم لتغيير سلوكهم، ولا تساعدهم على تعلم أي شيء، فالبشر لا يحركهم المنطق بل العواطف،

النقد العلني على الأغلب لن يدفع الأشخاص لتغيير عاداتهم بل سينعكس عليك سلباً.

ابراهام لينكولن كان مشهوراً بانتقاده العلني للخصوم, تعلم هذا الدرس بالطريقة الصعبة، فانتقاده العلني لأحد خصومه كاد ينتهي

بمبارزة بالسيوف لولا تدخل أحد الأصدقاء العقلاء، أدرك لينكولن أن سلوكه العدواني لم يكن في صالحه، سياسته الجديدة

اعتمدت على فهم دوافع خصومه وتقبل عيوبهم والتخفيف من الانتقادات العلنية، وهكذا اكتسب لينكولن سمعته كشخص لين

ومتساهل مع الخصوم، هذا السلوك حول حتى بعض أفراد الجيش المعادي له إلى أصدقاء، خلال الحرب الأهلية قال لينكولن

جملته الشهيرة لأولئك الذين كانوا ينتقدون الجنوبيين بقسوة: “لا تنتقدوهم، سنكون مثلهم لو عشنا نفس الظروف”.

القيادة عمل شاق، وإلا لماذا أطلق الكاتب والمستثمر “بين هورويتز” اسم “الكفاح” على مدونته؟

على أمل أن تجعل قصص هؤلاء الزعماء التاريخيين وقتك كقائد أكثر إلهاماً وأقل عزلةً.

كوادر:

-الكلمة الطيبة تحول الأعداء إلى أصدقاء.

-أول ما يجب أن تقوم به لتقييم عقل القائد هو النظر للأشخاص المحيطين به

-اعتمد على عدد قليل من المستشارين الذين تثق بهم