الإبداع، من جهة كونه جهدًا فكريًا وعمليًا في آن واحد، عملية معقدة إلى حد كبير؛ ولذا فإن أبطال الإبداع كثيرون، وليس هناك من فرد واحد يمكن نسبة
الإبداع إليه بمفرده؛ فالأمر أعقد من هذا، فضلًا عن أن تبعات عملية الإبداع ومقتضياتها أصعب بكثير من أن ينهض بها شخص بمفرده.
يظهر من هذا الطرح أننا إذا أردنا أن نتبع طريقة توصلنا لشاطئ الإبداع، فعلينا أن نؤمن بأن الإبداع جماعي، أي أنه، في الصميم، فكرة ربما يطلق
شرارتها شخص واحد، لكن لكي يتم تحويل هذه الفكرة/ الشرارة إلى عمل حقيقي وملموس على أرض الواقع فلا بد من تضافر شتى الجهود؛ أملًا في
الوصول بهذه الفكرة إلى مستقبلها المنشود، وفي جني الربح من ورائها.
.
لكي تتحول الفكرة إلى عمل حقيقي، أو مشروع يمكن من خلاله تحقيق الربح، ومراكمة الثروة يسهر على تنفيذها والقيام بها جيش من الأشخاص، هؤلاء
هم أبطال الإبداع ، سنشير إليهم في العرض التالي:
.
ليس قسم الأبحاث والتطوير هو المكان الأساسي الذي لا يخرج الإبداع إلا منه؛ إذ يمكن أن تبزغ الفكرة في ذهن أي شخص في المؤسسة، هذا الشخص
هو صاحب الفكرة، وهو، في الوقت ذاته، مُطلق شرارة الإبداع، وربما ينتهي دوره عند هذا الحد وربما لا، لكنه بتوصله إلى فكرة جديرة بالاهتمام
وواعدة، أدى دوره الرئيس.
.
ها هي الفكرة قد وُلدت، لكن لكي نضمن حياة هذا المولود، لابد من توفير مناخ داعم وملائم، وهنا يأتي دور أولئك الداعمون لهذه الفكرة التي ولدت من
قبل؛ ليعملوا على تهيئة المناخ والأجواء المناسبة لتحويلها إلى منتجات وخدمات وعمليات يمكن الاستفادة منها.
.
بعدما تم تهيئة المناخ والأجواء الملائمين لتنفيذ الفكرة، تأتي مرحلة التنفيذ الفعلي، وهي من أصعب المراحل وأخطرها؛ فالخطأ في التنفيذ يعني وأد الفكرة
وضربها في مقتل. هؤلاء المنفذون أو مؤازرو الإبداع هم الذين يأخذون على عاتقهم خوض غمار هذه المخاطرة.
.
لعلنا لاحظنا أهمية كل عنصر من عناصر العملية الإبداعية، لكن ما يتعين الإشارة إليه في هذا الصدد أن المغامرة الكاملة لعملية الإبداع تقع على كاهل
المنفذون أو مؤازرو الإبداع؛ فما جدوى الكثير من الأفكار الواعدة إن لم تُنفذ؟ إن لم تعرف طريقها إلى العالم الواقعي؟
لذا كان من المنطقي أن يُقال إن الإبداع ليس هو التفكير في أشياء جديدة بل في خلق هذه الأشياء الجديدة، والتي لا يقوم بها إلا أشخاص مثابرون،
أقوياء، يهوون خوض غمار الصعاب، والوقوف في وجه شتى العراقيل، وهذه، بالإضافة إلى غيرها، أهم الصفات الواجب توافرها في المبدعين.